أختم الحديث عن فتنة الدجال بحديث عجيب غريب رواه مسلم وأبو داود والترمذي وغيرهم، من حديث فاطمة بنت قيس عن تميم الداري أن فاطمة رضي الله عنها قالت: سمعت منادي رسول الله يقول: (إن الصلاة جامعة، إن الصلاة جامعة، تقول: فخرجت إلى المسجد، وصليت خلف رسول الله، وكنت في النساء اللاتي تلي ظهور الرجال -أي: كانت في الصف الأول في النساء الذي يقف مباشرة خلف آخر صف للرجال- فلما قضى رسول الله صلاته، جلس على المنبر وهو يضحك -بأبي هو وأمي- ثم قال: أيها الناس! ليلزم كل إنسان منكم مصلاه) ثم قال: (هل تعلمون لِمَ جمعتكم؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. فقال رسول الله: أما إني والله ما جمعتكم لرغبة ولا لرهبة، وإنما جمعتكم اليوم لأن تميماً الداري كان رجلاً نصرانياً، فجاءني اليوم فبايعني وأسلم لله، وحدثني حديثاً أحببت أن أحدثكم به) قال: (حدثني تميم أنه ركب في سفينة بحرية مع ثلاثين رجلاً من لخم وجذام -ولخم وجذام قبيلتان عربيتان مشهورتان- فلعب بنا الموج في البحر شهراً كاملاً، ثم أرفأنا إلى جزيرة وسط البحر فدخلوها، فإذا هم أمام دابة أَهْلَبَ كثير الشعر، فقالوا لها: ويلك من أنت؟ فقالت: أنا الجساسة. قالوا: وما الجساسة؟ قالت: انطلقوا إلى هذا الرجل في هذا الدَّيْرِ؛ فإنه إلى خبركم بالأشواق، يقول: ففزعنا منها لما سمت لنا رجلاً وظننا أنها شيطانة، فتركناها وأسرعنا إلى الدَّير، فرأينا رجلاً عظيم الخلق مقيداً بالحديد، فقلنا: ويلك! من أنت؟ فقال لهم: قد قدرتم على خبري، فأخبروني أنتم: من أنتم؟ فقالوا: نحن قوم من العرب ركبنا السفينة فلعب بنا الموج شهراً، فأرفأنا إلى جزيرتك، فلقيتنا هذه الدابة، وقالت لنا: انطلقوا إلى هذا الرجل في هذا الدير؛ فإنه إلى خبركم بالأشواق، فأتينا إليك وقد خشينا أن تكون شيطانة. فقال لهم: أخبروني عن نخل بَيْسَانَ؟ فقالوا: وعن أيّ شأنها تستخبر؟ فقال هذا الرجل المقيد بالحديد: هل يثمر نخلها؟ فقالوا: نعم، نخلها يثمر، فقال: يوشك أن لا يثمر. ثم قال لهم هذا الرجل المقيد بالحديد: أخبروني عن بحيرة طبرية؟ قالوا: عن أيّ شأنها تستخبر؟ قال: هل فيها ماء؟ قالوا: ماؤها كثير، فقال الرجل المقيد بالحديد: يوشك أن يجف ماؤها. ثم قال: أخبروني عن نبي الأميين هل خرج؟ قالوا: نعم، خرج، بل وهاجر الآن من مكة إلى يثرب، فسألهم: ماذا صنع مع العرب؟ فقالوا: أظهره الله عليهم، فقال لهم: أوقد كان ذلك، قالوا: نعم، فقال هذا الرجل: خير لهم أن يطيعوه، خير لهم أن يطيعوه ثم قال لهم: أما أنا فأخبركم؛ أنا المسيح الدجال، وإني أوشك أن يؤذن لي فأخرج فأسير في الأرض، فلا أدع قرية إلا هبطتها، إلا مكة والمدينة فإنهما محرمتان عليّ، كلما أردت أن أدخل واحدة منهما وجدت ملكاً على بابها بالسيف، فإنه على كل نقب من أبواب مكة والمدينة ملائكة يحرسونها بأمر الله جل وعلا).
مقتل الدجال
والحديث رواه ابن ماجة في سننه والحاكم في المستدرك، وصحح الحديث الألباني من حديث أبي أمامة الباهلي أنه صلى الله عليه وسلم قال: بينما إمام المسلمين يصلي بهم الصبح في بيت المقدس إذ نزل عليهم عيسى بن مريم، فإذا نظر إليه إمام المسلمين عرفه فيأتي عيسى عليه السلام ويضع يده في كتف إمام المسلمين، ويقول له: لا، بل تقدم أنت فَصَلِّ؛ فالصلاة لك أقيمت -وفي لفظ: فإمامكم منكم يا أمة محمد!- ويصلي نبي الله عيسى خلف إمام المسلمين لله رب العالمين، فإذا ما أنهى إمام المسلمين الصلاة قام عيسى، وقام خلفه المسلمون، فإذا فتح عيسى باب بيت المقدس رأى المسيح الدجال ومعه سبعون ألف يهودي بيدهم السلاح، فإذا نظر الدجال إلى نبي الله عيسى ذاب كما يذوب الملح في الماء، ثم يهرب، يقول المصطفى: فينطلق عيسى وراءه، فيمسك به عند باب لُدّ الشرقي فيقتله نبي الله عيسى.
هكذا ينتهي فالهم اجرنا من فتنة المسيح الدجال
يتبع انشاء الله