السؤال:
السلام
عليكم ورحمة الله وبركاته.
جزاكم الله خيرا على مجهوداتكم الرائعة..
أولا: أرجو ألا تلوموني، فأنا في غنى تام عن اللوم والعتاب؛ لأن قلبي يتمزق
بما فيه الكفاية، ونفسي مشتتة وأتألم على مدار الدقيقة منذ أن وقعت
المصيبة.
لدي ابنة عمرها 6 سنوات، وابن عمره 3 سنوات، تعرضا لمشاهد جنسية
عنيفة جدا كانت على الكمبيوتر الذي أعمل عليه، كنت قد تركت جهاز الكمبيوتر مفتوحا،
والبنت معتادة على تشغيل أفلام الكرتون بمفردها.
لا أدري كيف حدث، وبطريقة
ما.. كنت متواجدا معهم في الغرفة والكمبيوتر مفتوح، والأمر طبيعي، دخلت المطبخ،
وتركتها تحاول تشغيل الكرتون، فجأة عدت من المطبخ ووجدت المقاطع الجنسية شغالة..
أغلقت الكمبيوتر بسرعة -مدة المشاهد كانت دقيقتين تقريبا- واخترعت قصة سريعة، فأخذت
أقول: "من أين أتت هذه الأشياء؟". ردت المسكينة علي: "لا أعلم"، فقلت: هذا الـ"سي
دي" أتى به فلان.. فيه مثل هذا، أشياء وسخة وقرف.. هذا حرام".
ثم أخذت
التليفون وأوهمتهما بأني أتصل بشخص ما، وافتعلت حديثا بأن "تعالى خذ السي دي بتاعك
ده، وأنا حقول لأبوك، ودي حاجة مش كويسة، ولا تحضر لنا شيئا آخر"، وقفلت. وبعد 10
دقائق افتعلت اتصالا آخرا، وكأنني أصرخ فيه، ثم كسرت السي دي أمامهم.
شعرت
أن لدى ابنتي 100 سؤال وسؤال، وأنا مشلول، "مش عارف أفكر أو أقول
إيه".
أخرجتهم من الغرفة بحجة أني سوف أشغل الكمبيوتر حتى أتأكد ألا يكون
عليه شيء آخر، وأحببت أن أعرف ما هي المشاهد التي قد تعرضوا لها، فوجدتها أنها
عبارة عن 7 مقاطع، وكلها جنس واضح بأشكاله وقوي جدا، وكلها ليست مشاهد بسيطة
بالمرة، ثم خرجت وأدخلتهم مرة أخرى، وشغلت لهم الكرتون.
وبعد الفيلم حاولت
أن تسألني عن الولد الذي أتي بالسي دي، فأخبرتها أنه سيئ وأني كسرته، فسألتني عن
السبب، فأخبرتها بأنه "مش كويس".
أنا أعرف أن لديها أسئلة كثيرة جدًّا، ولا
أعرف كيف أوضح لها الأمر، أو بأي أشرح طريقة.. أشعر بحيرة، طبعا أنا أشعر أنهما
كانا في حالة ذهول وتركيز غير عادي.
أرجوكم.. أنقذوني، ماذا أفعل؟، هل من
الممكن أن تنسى ابنتي مثل هذه المشاهد؟، أعتقد أن الصغير ذو الـ3 سنوات قد ينسى مع
مرور الوقت، ولكن البنت 6 سنوات، لا أدري ماذا سيظل بعقلها وبنفسيتها، وكيف ستتعامل
مع الأمر.
أنا مرعوب مرعوب مرعوب، وفي غاية الحزن والاكتئاب...
لم
أخبر زوجتي بذلك، لا أريد أن أصدمها وأسبب لها ما أشعر به، وقد تشعر بألم أكثر مما
أشعر به ألف مرة، ولا أخشى مسألة العتاب واللوم منها أو الزعل بقدر ما أخشى عليها
وعلى نفسيتها أن تعرف أن أبناءنا تعرضوا لمثل هذا الأمر الخطير.
أرجوكم
أنقدوني بالرأي السديد بالتفصيل.
الجواب:
تقول يا أخي الكريم أنك في غنى عن اللوم والعتاب, وأنا
شخصيا لن ألومك ولن أعاتبك فالله قد خلق فينا الإرادة الحرة لنختار ما نريد, ولكن
لا بد من بضع أسئلة تهز دواخلك المهزوزة أصلا لعلها توصلك إلى اقتناع بالحل الدائم
وليس المؤقت لهذه المشكلة:
السؤال الأول: لماذا يوجد لديك سيدي الكريم مثل
هذا السي دي المسموم وهو ما لا يمكن تبريره لعازب فكيف يمكن تبريره في حالة متزوج
مثلك وقد كفي بالحلال عن الحرام؟
السؤال الثاني: هل تظن أن التربية بالقدوة
الظاهرية فقط أم أنه يجب أن يوجد لديك قناعة بأننا قدوة لأولادنا في السر
والعلانية؟
لم يظهر في سؤالك أي ندم على احتفاظك بهذا السي دي فكل ما يهمك
الآن هو عدم تأثر طفلك وطفلتك بما رأوه, وهذا الاهتمام إن كان يؤكد على حسن أبوتك
وحرصك عليهما, لكن غياب الندم أو ظهور التوبة يجعلني أشعر وكأنك لا تهتم بتكرار
المعصية مرة أخرى برؤية هذه الصور الإباحية, لأنني يجب أن أذكرك أنك بقدر ما تحفظ
الله بقدر ما يحفظك ويحفظ ذريتك.
كي لا أطيل أعتقد أنك بحاجة إلى توبة نصوح
تتذكر من خلالها قوله تعالى:(إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا) فإن
حفظت أمانات الله لديك حفظ الله أمانتك لديه أي حفظ أولادك من كل سوء.
أما
تأثر ابنتك بما شاهدته فربما يبقى في ذاكرتها شيء, لكن مهمتك تنتهي بعدم محاولتك
مرة أخرى فتح الموضوع أمامها, وهذا يسهل نسيان ما رأته غالبا, وما يساعدها على ذلك
مستقبلا أن يكون الأب الصالح ليس صورة فقط بل شكلا ومضمونا, وعندها إذا تذكرت الصور
فستتذكر أنها لم تكن تخصك بحسب الموقف الذي صدر منك في تمثيلية الاتصال, لكن كما
يقول المثل(ما كل مرة تسلم الجرة) فإذا فاتت هذه المرة على خير ثم عدت إلى ما كنت
إليه فتذكر أن عين الله ترصدك ومهما أقفلت عليك الأبواب واختليت بمعصيته فإنه يراك,
وإذا لم تحفظه في السر فلماذا يحفظك في العلانية؟! ستكون ابنتك قد كبرت قليلا وإذا
تكرر الموقف فلن يكون راسخا في ذهنها فقط بل ستنكسر لديها صورة الأب وهو المثل
الأعلى لديها, خاصة أن الطفل حساس وصادق فقد يشعر بكذب والديه أو تلبسهما بغير ما
يأمرانه به, وهذه معاناة ليس مثلها معاناة, وأرجو أن تطلع عليها من خلال هذه
المقالة:
أعيدوني إلى بطن أمي
ربما هي رسالة من الله سبحانه لك يا
أخي الكريم لتتوب قبل فوات الأوان, وإياك أن تستصغر ذنبك مقابل عظمة الله سبحانه
وعظمة النعم التي منحك إياها فاستخدمتها في غير رضاه.